شعار أرقام ويك اند شعار أرقام ويك اند
English
شعار أرقام ويك اند
الرئيسية الإصدارات اشترك تواصل معنا موقع بوابة أرقام
الأسبوع #76 > كيف يُساهم برنامج "قُرة" السعودي في مواجهة ظاهرة "عقوبة الأمومة" في اقتصاديات الأسر بالشرق الأوسط؟





 

 كيف يُساهم برنامج "قُرة" السعودي في مواجهة ظاهرة "عقوبة الأمومة" في اقتصاديات الأسر بالشرق الأوسط؟
 

تشهد دول الخليج، ومعها منطقة الشرق الأوسط بنطاقها الأوسع، ارتفاعاً ملحوظاً في تكاليف الحضانات الخاصة ورعاية الأطفال، حتى أصبحت هذه المصاريف تشكّل عبئاً مالياً متصاعداً يثقل كاهل شريحة واسعة من الأسر. ويعكس هذا المسار التصاعدي في النفقات تنامي الطلب على خدمات الرعاية عالية الجودة في مدن رئيسية مثل الرياض ودبي والقاهرة.

بالنسبة إلى العديد من الأسر، تلتهم تكاليف الحضانة الخاصة جزءاً كبيراً من الميزانية الشهرية   لتقترب وأحيانا لتضاهي تكاليف السكن لدى الأسر التي لديها طفلان أو ثلاثة في سن الحضانة. ويترك هذا العبء المالي الثقيل أثراً مباشراً على قرارات الوالدَين، وبشكل خاص الأمهات، إذ قد يجعل الاستمرار في العمل بدوام كامل خياراً غير مجدٍ اقتصادياً، ويدفع نحو خفض ساعات العمل أو الانسحاب من قوة العمل، بما ينعكس بطبيعة الحال على الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يُعرف في علم الاقتصاد بظاهرة عقوبة الأمومة، ومن ثم نُسلط الضوء على برنامج دعم فريد في المنطقة، استهلته المملكة العربية السعودية، كما سنوضح في نهاية تحليلنا.
اعتمد تحليلُنا على منهجية مركّزة لقياس الأثر الاقتصادي والمالي على الأسر، من خلال دراسة تكاليف الحضانات الخاصة في مناطق حضرية رئيسية مثل الرياض ودبي والقاهرة الجديدة. وقد اخترنا هذه المدن كدراسات حالة نظراً لما تتمتع به من تطور حضري متسارع وارتفاع في تكاليف المعيشة.

ولتحليل التأثير بشكل دقيق، استندنا إلى مجموعة من المؤشرات الأساسية، في مقدمتها الرسوم السنوية التي تتقاضاها الحضانات الخاصة في تلك المدن، ومتوسط دخول الأسر لقياس القدرة على تحمّل التكاليف، إلى جانب مقارنة نقدية بين متوسط مصروفات رعاية الأطفال وتكاليف السكن الشائعة. وقد أتاح هذا النهج تسليط الضوء على النسبة الكبيرة من دخل الأسرة المخصصة للتعليم والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة، ما يوفر إطاراً واضحاً لفهم الضغوط المالية التي تواجهها الأسر في هذه البيئات الحضرية.
وتُظهر البيانات المستقاة من بحثنا أن رسوم الحضانات الخاصة تتفاوت بشكل كبير بين الرياض ودبي والقاهرة الجديدة، كما يوضح الرسم البياني التالي. ففي الرياض، تتراوح التكاليف السنوية بين 27 ألف ريال للحضانات المحلية و50 ألف ريال للحضانات الدولية. وفي دبي، تتحمل الأسر عادة رسوماً تتراوح بين 25 ألف درهم و60 ألف درهم سنوياً. أمّا في القاهرة الجديدة، فتصل الرسوم السنوية إلى ما بين 35 ألف جنيه (740 دولاراً) و135 ألف جنيه (2,850 دولاراً).




تُعد الرياض ودبي والقاهرة الجديدة مراكز اقتصادية كبرى ذات كلفة معيشية مرتفعة نسبياً، وهو ما ينعكس مباشرة على النفقات التشغيلية للحضانات ودور رعاية الأطفال. وتشمل هذه التكاليف إيجارات المرافق في المناطق الحيوية، وفواتير الخدمات، والرواتب التنافسية اللازمة لجذب الكفاءات التعليمية والاحتفاظ بها.
وتشهد هذه المدن نمواً اقتصادياً وعمرانياً سريعاً يستقطب شرائح سكانية متنوعة، بما في ذلك عدد كبير من الآباء والأمهات العاملين. ويخلق هذا الواقع سوقاً قوية لخدمات رعاية الأطفال، ولا سيما الخيارات الخاصة عالية الجودة، حيث يرفع الطلب المتزايد الأسعار بوتيرة مستمرة.
ومن المتوقع أن يصل حجم سوق رعاية الأطفال في السعودية إلى أكثر من 4 مليارات دولار بحلول عام 2030، بينما يُتوقع أن يبلغ في الإمارات 3.8 مليار درهم بحلول 2030. أما بالنسبة لمصر، فلم نتمكن من تحديد بيانات موثوقة حول حجم سوق رعاية الأطفال فيها.

 
⁉️
متى يصبح العمل غير مجدٍ اقتصادياً؟

من منظور اقتصادي، تشكل تكاليف رعاية الأطفال المرتفعة حاجزاً كبيراً أمام توظيف النساء، ويرجع ذلك إلى عاملين اقتصاديين بالأساس. أولاً: تكلفة الفرصة البديلة(The Opportunity Cost) ، وتعني أن المنافع المالية للعمل (الأجور) يجب أن تفوق التكاليف المترتبة عليه. وفي بعض الحالات، خاصة بالنسبة للوظائف ذات الدخل المنخفض، يمكن أن تتجاوز تكلفة رعاية الطفل الأجور المحتملة، مما يجعل العمل خياراً غير منطقي من الناحية الاقتصادية.
ثانياً: التأثير على مرونة القوى العاملة (Labour Supply Elasticity) حيث تتمتع القوة العاملة المتاحة من النساء بمرونة أكبر مقارنةً بالرجال، أي أن قرارهن بالعمل يكون أكثر استجابة للتغيرات في صافي الأجور. ولذلك، تؤدي التكاليف المرتفعة لرعاية الأطفال فعلياً إلى تقليل الأجر الساعي الحقيقي، مما يدفع العديد من النساء إلى الخروج من سوق العمل أو تقليل ساعات عملهن.

وغالباً ما تجد الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط أن تكاليف رعاية الأطفال تستنزف قدراً أكبر من ميزانية الأسرة، ما يجعل عمل أحد الوالدين (الأم على الأرجح) خياراً غير مجدٍ اقتصادياً. وبالتالي،  تجد كثير من هذه الأسر نفسها عالقة ضمن شرائح الدخل المنخفض.

 
💸
تكاليف رعاية الأطفال مقارنةً بمتوسط الدخل الشهري

لتحديد مدى القدرة على تحمّل تكاليف رعاية الأطفال بالنسبة للموظفين ذوي الدخل المتوسط في الرياض ودبي والقاهرة الجديدة، اعتمد هذا التحليل على تحويل جميع التكاليف السنوية إلى أرقام شهرية، استناداً إلى أن العام الدراسي يتكون من ثلاثة فصول (9 أشهر).
ثم احتساب التكاليف الشهرية كنسبة مئوية من متوسط الدخل الشهري للأسر في كل مدينة على حدة. وقد أتاح هذا النهج إجراء مقارنة مباشرة لعبء الإنفاق المالي عبر المناطق المختلفة وخيارات رعاية الأطفال المتاحة.

 
الرياض
نوع رعاية الطفل التكلفة الشهرية (ريال سعودي) التكلفة كنسبة مئوية من متوسط دخل الأسرة
الحضانة المحلية (Local Nursery)     3,000 11.54% (3,000 / 26,000)
الحضانة الدولية (International Nursery) 5,555 21.37% (5,555 / 26,000)
وتُظهر هذه النسب بوضوح العبء المالي الكبير الذي تفرضه تكاليف رعاية الأطفال على الأسر، وهو ما يؤثر مباشرة على قرار المرأة بالمشاركة في سوق العمل، إذ يمكن أن يُستنزف جزء كبير من دخل في هذه النفقات.

 
دبي
نوع الحضانة متوسط دخل الأسرة الشهري (د.إ) التكلفة الشهرية لرعاية الطفل (د.إ)   النسبة المئوية من الدخل الشهري 
الحضانات المحلية (Local Nurseries) 30,000 4,000 13.33%
الحضانات الدولية (International Nurseries) 30,000  7,222 24.07%
حتى عند الحد الأدنى من الرسوم، تشكل تكاليف الحضانة المحلية نسبة كبيرة من متوسط الدخل الشهري، وهي نسبة تُحدث ضغطاً واضحاً على ميزانية الأسرة وتقلّص المبالغ المتاحة لتغطية نفقات أساسية أخرى مثل السكن والغذاء والادخار.
أما تكاليف الحضانات الدولية، فتمثل عبئاً مالياً ثقيلاً، إذ تستهلك ما يقترب من ربع الدخل الشهري الإجمالي للأسرة، وهو مستوى يعكس تحدياً مالياً حقيقياً قد يؤثر في قرارات العمل والإنفاق لدى الأسر.

 
القاهرة الجديدة
الفئة  القيمة بالجنيه المصري   النسبة المئوية من الدخل الشهري
متوسط دخل الأسرة الشهري  40,000 -
تكلفة الحضانات المحلية (شهرية) 2,916.67 7.29%
تكلفة الحضانات الدولية (شهرية) 11,250 28.13%

تُعتبر تكاليف الحضانات المحلية مقبولة نسبياً قياساً بدخل الأسر الشهري، ورغم أن تحمل هذه النسبة يبدو ممكناً في الظاهر، إلا أنها تظل عاملاً مساهماً في تعزيز الأثر المثبط لتكاليف رعاية الأطفال المرتفعة على مشاركة المرأة في سوق العمل.
 
📊
تكاليف رعاية الطفل مقارنة بتكاليف السكن

ننتقل الآن إلى جانب آخر محوري في اقتصاديات الأسرة، ألا وهو تكلفة السكن. سيتناول هذا الجزء متوسط الإيجارات لشقق من ثلاث غرف نوم في المناطق المركزية لثلاث مدن رئيسية، وهي: الرياض ودبي والقاهرة الجديدة.
ولا يقتصر التحليل على عرض الأرقام فحسب، بل يتوسع في بحث ما تمثله هذه التكاليف من نسبة من متوسط الدخل الشهري في كل مدينة، بما يتيح فهماً أوضح للعبء المالي الذي تتحمله الأسر في هذه الأسواق الحضرية.

 
المدينة متوسط الأجر الشهري للأسرة (دولار)  تكلفة السكن الشهري (دولار) تكلفة السكن كنسبة من الأجر
الرياض 6,930 2,350 33.91%
دبي 8,170 4,350 53.24%
القاهرة الجديدة 850 425 50.00%
تُعد الرياض الأكثر ملاءمة من حيث القدرة على تحمّل تكاليف السكن مقارنةً بالأجور، إذ تشكل تكاليف السكن نحو ثلث متوسط الدخل الشهري  (33.91%).
أما في دبي والقاهرة الجديدة، فما زالت الأعباء أعلى، حيث تلتهم تكاليف السكن53.24%  و50% على التوالي من متوسط الدخل الشهري، ما يعكس عبئاً مالياً أكبر على ميزانيات الأسر في هاتين المدينتين.
ورغم أن تكاليف السكن تفوق بكثير تكاليف الحضانة الخاصة في الرياض ودبي والقاهرة الجديدة، إلا أن الجمع بين هذين الالتزامين الماليين يُظهر عبئاً كبيراً على الدخل الشهري في المدن الثلاث. ففي الرياض، تستنزف تكاليف السكن والحضانة معاً نحو 45.45% من متوسط الدخل الشهري. وترتفع هذه النسبة بشكل حاد في القاهرة الجديدة لتبلغ 57.29% تقريباً من متوسط الدخل، بينما تقفز إلى مستوى أعلى في دبي لتقارب 66.57% من متوسط الدخل الشهري.
وتسعى السعودية إلى بلوغ نسبة 40% لمشاركة المرأة في سوق العمل بحلول نهاية العقد الحالي، بعدما تجاوزت بالفعل مستهدف رؤية 2030 البالغ %30 في 2024.

بينما بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نحو 35,120 دولار في 2024. وخلال الفترة الممتدة بين 1980 و2024، ارتفع نصيب الفرد بمقدار 15,580 دولار، فيما  يُتوقع أن يرتفع تدريجياً بنحو 5,040 دولار إضافية خلال الفترة بين 2024 و2030، بما يعكس اتجاهاً تصاعدياً واضحاً.



 
بينما بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات العربية المتحدة نحو 50,220 دولار في 2024. وخلال الفترة الممتدة بين 1980 و2024، ارتفع نصيب الفرد بمقدار 8,910 دولار. وتشير التقديرات إلى أن نصيب الفرد سيواصل مساره التصاعدي ليزداد بنحو 16,450 دولارأً إضافية خلال الفترة بين 2024 و2030، ما يعكس اتجاه نمو واضح ومستدام.



أما في مصر، فقد بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 3,570.28 دولار في 2024. وخلال الفترة الممتدة من 1980 إلى 2024، ارتفع نصيب الفرد بمقدار 42,990.2 دولار. ومن المتوقع أن يزداد نصيب الفرد بنحو 1,263.53 دولار بين عامي 2024 و2030، في مسار عام يتجه للصعود، رغم ما يشهده من تقلبات دورية بين الحين والآخر.



يُعد تعزيز دعم رعاية الأطفال في عدد من الدول، ومن بينها السعودية، خطوة بالغة الأهمية لا تقتصر أهميتها على مساعدة الأسر فحسب؛ بل تمتد لتشمل تعزيز الوضع الاقتصادي لهذه الدول بشكل عام.
وفي هذا الإطار، تهدف برامج  مثل قرة في المملكة العربية السعودية إلى دعم السعوديات العاملات في القطاع الخاص عبر تخفيض تكاليف رعاية الأطفال، بما يساعدهن على الاستمرار في سوق العمل.
ويشترط البرنامج أن تكون المتقدمة سعودية الجنسية، وألا يتجاوز أجرها الشهري 8 آلاف ريال، وأن تكون مسجلة في نظام التأمينات الاجتماعية.

ويغطي قُرة  ما يصل إلى 50% من رسوم الحضانات أو دور رعاية الأطفال، بحد أقصى 1,600 ريال للطفل الواحد، وذلك للأطفال دون سن السادسة.
ومن خلال تخفيف العبء المالي لتكاليف الرعاية، تستطيع المزيد من الأمهات البقاء في وظائفهن أو العودة إلى العمل، ما يسهم في زيادة العمالة المتاحة في سوق العمل السعودية، وتعزيز الإنفاق الاستهلاكي، ورفع الإيرادات الحكومية، وبالتالي دعم الناتج المحلي الإجمالي.

وتُعد تجربة الولايات المتحدة مثالاً حياً على تداعيات غياب الدعم المالي الشهري لرعاية الأطفال، حيث تُقدَّر الخسائر الاقتصادية الناتجة عن تقليص النساء ساعات عملهن أو خروجهن من سوق العمل بسبب تكاليف رعاية الأطفال بنحو 237 مليار دولار سنوياً.
يمثل هذا الرقم الضخم حجم خسائر الاقتصاد الأميركي، سواء من حيث الأجور المفقودة أو انخفاض الإنتاجية أو تراجع الإيرادات الضريبية المحتملة جراء ارتفاع تكاليف الرعاية، مما يدفع الكثير من النساء إلى تقليص ساعات العمل، أو قبول وظائف أقل دخلاً، أو الانسحاب من سوق العمل كلياً لرعاية أطفالهن. ويُعرف هذا التأثير واسع النطاق في الاقتصاد ودراسات النوع الاجتماعي باسم عقوبة الأمومة (Motherhood Penalty)، والتي تُعد عاملاً مُقيِّداً للنمو الاقتصادي وتؤثر على ملايين الأسر.
أقرأ أيضــــاً
كفاية رأس المال في القطاع البنكي السعودي بين متطلبات بازل والواقع العملي
كفاية رأس المال في القطاع البنكي السعودي بين متطلبات بازل والواقع العملي
يعكس القطاع البنكي السعودي بنهاية الربع الثالث 2025 مستويات رسملة قوية، إذ بلغ متوسط إجمالي كفاية رأس المال 20.04% مقابل الحد الأدنى التنظيمي البالغ 8% وفق بازل III. وجاءت هذه المستويات مدعومة بارتفاع الأرباح التشغيلية وجودة الأصول وانخفاض القروض المتعثرة، إضافة إلى السياسات الرقابية المتحفظة للبنك المركزي السعودي.
نظام التقاعد المدني السعودي: طرح جديد لزيادة أصول المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية
نظام التقاعد المدني السعودي: طرح جديد لزيادة أصول المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية
استقطب برنامج الإقامة المميزة في المملكة العربية السعودية ما يربو على 40 ألف طلب بين يناير 2024 ويوليو 2025، وفقاً لما أوردته التقارير الصحفية في الإعلام السعودي.
الصناعات الدفاعية السعودية: أولويات الاستثمار المالي في المرحلة المقبلة
الصناعات الدفاعية السعودية: أولويات الاستثمار المالي في المرحلة المقبلة
لم يعد الأمن القومي يقتصر على اقتناء البوارج الحربية والطائرات المقاتلة فحسب، بل بات يشمل أيضاً أكواد الشفرات البرمجية، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، والأقمار الصناعية المصغرة. ساحة المعركة تتطور، ومعها تتغير طبيعة المصادر التي تعتمد عليها الدول للحصول على أحدث تقنيات الدفاع وتطوير قدراتها الدفاعية.
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة