شعار أرقام ويك اند شعار أرقام ويك اند
English
شعار أرقام ويك اند
الرئيسية الإصدارات اشترك تواصل معنا موقع بوابة أرقام
الأسبوع #77 > تحليل مقارن للإطار الهيكلي لرواتب القطاع العام في الكويت





 

تحليل مقارن للإطار الهيكلي لرواتب القطاع العام في الكويت
 

تستحوذ أجور القطاع العام الكويتي على نحو 41% من إجمالي الإنفاق الحكومي، أي ما يعادل 10 مليارات دينار كويتي (32.4 مليار دولار)، وهو ما يخلق اختلالاً مالياً هيكلياً غير مسبوق تقريباً مقارنة ببقية دول مجلس التعاون الخليجي.

وعند احتساب الدعم الحكومي، ترتفع حصة أجور القطاع العام إلى 79.5% من إجمالي الإنفاق، ما يترك 9.1% فقط للاستثمارات الرأسمالية اللازمة لتحقيق التنويع الاقتصادي.
وفي ظل وجود فجوة في الأجور بنسبة 41% بين القطاعين العام والخاص، وتركّز 83.6% من المواطنين الكويتيين في وظائف حكومية، فإن المسار المالي للكويت ينذر بتفاقم الضغوط المالية والاقتصادية، وهو ما قد يستلزم إصلاحات هيكلية لرواتب القطاع العام، وتبني آليات توطين للوظائف قائمة على معايير السوق.
في المقابل، تُظهر دول خليجية مجاورة مثل السعودية والإمارات وقطر أن النماذج المؤسسية البديلة تحقق بالفعل نتائج أفضل على صعيد الاستدامة المالية وكفاءة أسواق العمل.

🇰🇼
فجوة الأجور في الكويت

بلغ متوسط الراتب الشهري للمواطنين الكويتيين في القطاع العام 1,966 دينار للذكور (6,390 دولاراً) و1,387 دينار للإناث (4,510 دولارات) اعتباراً من الربع الثاني 2024، ، مقابل 1,648 دينار (5,360 دولاراً) و1,075 دينار (3,495 دولاراً) على التوالي في القطاع الخاص، ما يعكس زيادة في الأجور الحكومية تقارب 19.3% للذكور و%29 للإناث.
وقد شهدت القوة العاملة الكويتية نمواً بنسبة 2.5% سنوياً خلال الربع الثاني من 2024، واستمر الزخم حتى الربع الثاني من 2025، والذي شهد تباطؤاً طفيفاً في هذا النمو إلى 2.05%، ما يبرز التحدي المستمر في استيعاب الملتحقين الجدد بسوق عمل لايزال فيها 83.6% من المواطنين متركزين في القطاع الحكومي.

كما حدّدت بعثة صندوق النقد الدولي، في تقرير المادة الرابعة الصادر في أكتوبر 2024، الزيادة في أجور القطاع العام الكويتي عند 41% مقارنةً بوظائف مماثلة في القطاع الخاص، وذلك عند ضبط العوامل المتغيرة المتعلقة بالمؤهلات العلمية والخبرات وخصائص العمل. ووصف الصندوق أجور القطاع العام في الكويت بأنها  الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي، داعياً إلى اعتماد آلية منهجية لتحديد أجور القطاع العام لتقليص هذه الفجوة تدريجياً.


 

 

⁉️
الاختلالات الهيكلية في سوق العمل

تلتهم أجور القطاع العام في الكويت 41% من إجمالي الإنفاق الحكومي، وهو ما يعكس عبئاً مالياً غير متناسب مقارنة بنظرائها الإقليميين. وبحسب دراسة إحصائية شملت 7,262 عاملاً ماهراً في دول مجلس التعاون، تبين أن 63.8% من فروقات الأجور بين المواطنين والعمالة الآسيوية تعود إلى اختلالات سعرية ناتجة عن سياسات التوظيف، وليس اختلافات في رأس المال البشري.
وعلى الرغم من تحقيق العمالة الآسيوية توافقاً أفضل بين المؤهلات العلمية ومتطلبات الوظائف، 55% مقابل 33%، إلا أن المواطنين يتقاضون أجوراً أعلى بكثير، مما يؤكد أن الزيادات في أجور العاملين في القطاع العام الكويتي تعكس انحرافات مدفوعة بالسياسات وليس بأساسيات السوق، ما يسفر عن سوء تخصيص منهجي لرأس المال البشري.

وبحسب نشرة سوق العمل الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية في يونيو 2024، يتقاضى المواطنون السعوديون متوسطاً قدره 10,159 ريالاً شهرياً مقارنة بنحو 4,376 ريالاً للعمالة الوافدة، ما يشكل فجوة بنسبة 132%، والتي تعكس أولويات الحكومة في توطين الوظائف العليا ذات الأجور المرتفعة.
وفي الإمارات، يبلغ متوسط أجور القطاع العام 16,800 درهم (4,575 دولاراً) مقابل 14,200 درهم (3,865 دولاراً) في القطاع الخاص، بفارق قدره 18.3%. أما في قطر، فيبلغ متوسط أجور القطاع العام 17,500 ريال قطري (4,808 دولارات) مقابل 13,100 ريال (3,599 دولاراً) في القطاع الخاص، ما ينشأ عنه فجوة أجور تُقدربنسبة 33.6%.

 
💸
تضخم ميزانية الأجور وتباطؤ الناتج المحلي

يمثل إجمالي بند الأجور في القطاع العام الكويتي، شاملاً البدلات، نحو 15.4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024/2025، ارتفاعاً من 12.8% في 2019/2020، ما يعكس زيادة الأجور وتباطؤ الناتج المحلي.
ومع احتساب الدعم، تُشكل ميزانية الأجور والاستحقاقات 79.5% من الإنفاق الحكومي، تاركةً 9.1%  فقط للاستثمارات الرأسمالية، انخفاضاً من 14.2% في العام المالي 2019/20.
ومن المتوقع أن يبلغ عجز الموازنة 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2024/2025، مقارنة بنحو 3.1% في 2023/2024، مدفوعاً بارتفاع تكاليف الأجور بالتزامن مع تراجع الإيرادات النفطية بشكل أساسي.

وبين السنتين الماليتين 2023/2024 و2024/2025، تضخمت ميزانية أجور القطاع العام بنحو 200 مليون دينار كويتي بواقع 1.4%، رغم استمرار  العجز المالي. وعلاوة على ذلك، قدرت وزارة المالية الكويتية ارتفاع أجور موظفي القطاع العام إلى 14.4 مليار دينار في 2025/2026، بزيادة سنوية 1.6%، في وقت يُتوقع فيه تراجع الإيرادات النفطية بنسبة 5.7%.

 
🔎
عبء المزايا الإضافية على المالية العامة

وبعيداً عن الرواتب الأساسية، يوفر القطاع العام في الكويت مزايا سخية تشمل بدلات سكن تتراوح بين 25% إلى 40% من الراتب، وبدلات تعليم للأبناء، وعلاوات غلاء معيشة، ومكافآت سنوية قد تصل إلى شهر كامل من الأجر الأساسي.
وتمثل هذه المزايا الزائدة عن الأجر التزاماً مالياً ضخماً، حيث يؤدي التراكم المشترك لزيادات الأجور والبدلات إلى زيادة بند استحقاقات موظفي القطاع العام إلى 15.4% من الناتج المحلي الإجمالي.  وعليه، فإن التكلفة الحقيقية للتوظيف الحكومي تتجاوز بكثير أرقام ميزانية الأجور الأساسية المعلنة.

وفي سياق الإصلاح الإقليمي، عكفت السعودية على ترشيد ممنهج لمزايا العاملين بالقطاع العام منذ إطلاق رؤية 2030 في 2016، بينما تعتمد الإمارات أُطراً مركزية موحدة للمزايا ذاتها. أما قطر، فقد أجرت إصلاحاً شاملاً بموجب القانون رقم 25 لسنة 2025، الذي أدخل بدلات مرتبطة بالأداء، مع إمكانية حصول أفضل الموظفين على زيادات سنوية قد تصل إلى 150% من الراتب الأساسي.


 

⚙️
ديناميكيات التضخم وانخفاض الأجور الحقيقية

تكشف اتجاهات التضخم في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي عن تقارب لافت نحو تراجع معدلاته خلال عامي 2024–2025، ما ينطوي على دلالات جوهرية بشأن ديناميكيات الأجور الحقيقية والقوة الشرائية في كلٍّ من القطاعين العام والخاص.
ففي الكويت، بلغ متوسط التضخم وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك 2.9% خلال 2024، قبل أن يتراجع إلى 2.3% بحلول أبريل 2025 مع انحسار ضغوط أسعار الغذاء والمشروبات، ليسجل التضخم أدنى مستوياته منذ سبتمبر 2020.
ويعكس هذا المسار الانكماشي تراجعاً في نمو الإنفاق الاستهلاكي، حيث كشفت بيانات معاملات البطاقات المصرفية انخفاضاً سنوياً بنسبة 5.9% خلال الربع الأول من 2025، وهو انخفاض يعد الأشد منذ جائحة كوفيد-19.

في المقابل، حافظت المملكة العربية السعودية على مستويات تضخم أقل بلغت 1.7% في 2024، لترتفع بشكل طفيف إلى 2.3% بحلول الربع الثاني من 2025. كما شهدت معدلات التضخم في أسعار المنازل والمياه والكهرباء والغاز تراجعاً ملموساً وصل إلى 6.7% في الربع الثاني من 2025 مقارنة بنحو 9.2% في الربع الأخير من 2024.
أما الإمارات، فأخذت معدلات التضخم فيها مساراً حاداً للتباطؤ، حيث سجلت معدل تضخم بلغ 2.3%  في 2024، ثم تراجع إلى 1.4% خلال النصف الأول من 2025، وصولاً إلى 0.6% في الربع الثاني من 2025، مدفوعاً بشكل رئيسي بانخفاض تكاليف الطاقة والنقل.
بينما سجّلت قطر أقوى موجة من التراجع، حيث انخفض معدل التضخم إلى 1.2% في 2024، ثم إلى 0.1% سنوياً في يونيو 2025، مما يعكس ضغوطاً سعرية شبه منعدمة، قبل أن يسجل ارتفاعاً طفيفاً إلى 1.11% مدفوعاً بالخدمات المتنوعة والتعليم، ما يؤكد التوجه الإقليمي العام نحو استقرار الأسعار.

تكمن أهمية هذه التطورات التضخمية بالنسبة لسياسات أجور القطاع العام في تأثيرها المباشر على الأجور الحقيقية. فهي تُظهر بوضوح أن القرارات المتعلقة بزيادة الأجور الاسمية أو الرواتب الشاملة لا يمكن فصلها عن مسار التضخم، فهي تحدد ما إذا كانت الزيادات ستُترجم إلى تحسن فعلي في القوة الشرائية للموظفين، أو تقتصر فقط على تعويض ضغوط الأسعار.

ومع تقييد زيادة الأجور الشاملة في الكويت نتيجة ضغوط ضبط أوضاع المالية العامة، حيث لم يتجاوز معدلات الزيادة الاسمية في أجور الموظفين 1.4% خلال السنة المالية 2023/2024 و1.6% في 2025/2026 مع بقاء التضخم عند 2.3%، تواجه الأجور الحقيقية في القطاع العام الكويتي ضغوطاً حقيقية في غياب تعديلات اسمية معاكسة لمواجهة التضخم.
وعلى سبيل المقارنة، فقد أدى الترشيد المنهجي لنمو الأجور في القطاع العام في السعودية ضمن رؤية 2030، بالتوازي مع تراجع التضخم إلى 2.3%، إلى خلق مسارات أكثر استقراراً للأجور الحقيقية تتماشى مع أسس الاقتصاد غير النفطي.

كما حافظت الإمارات على نمو مطرد للأجور في القطاع العام بنسبة 4% منذ 2020، بالتوازي مع مستويات تضخم المعتدلة، مما ساعد على حماية القوة الشرائية للأجور الحقيقية وضمان الاستدامة المالية.
وفي قطر، مثّل رفع الأجور بنسبة 5.5% في 2025 لتصل إلى 67.5 مليار ريال قطري من إجمالي إنفاق قدره 210.2 مليار ريال، إلى جانب تراجع التضخم إلى 1.11% حتى أكتوبر 2025، زيادة مقصودة للأجور الحقيقية كاستراتيجية لتطوير القوى العاملة، ما يؤكد مجدداً على أن سياسات الأجور تتفاعل بشكل حاسم مع ديناميكيات التضخم لتحديد ما إذا كانت زيادات الأجور الشاملة تُحدث تحسناً حقيقياً في القوة الشرائية أو تقتصر على تعويض ارتفاع الأسعار.
ويمثل هذا الوضع مأزقاً خاصاً بالكويت، وهو مأزق لا يظهر بنفس الحدة في السعودية حيث اقترن ترشيد الأجور الحكومية بنمو قوي في أجور القطاع الخاص.

🔦
تحليل مقارن للتوظيف في القطاع العام

اعتباراً من 2024، يعمل ما يقرب من 83.6% من المواطنين الكويتيين في القطاع العام، بينما يعمل 16.4% فقط في القطاع الخاص. ويخلق هذا التركز الشديد للعمالة في القطاع العام ثلاث نقاط ضعف جوهرية تتمثل في الانكشاف المالي على تقلبات أسعار النفط، وعجز الإنتاجية بسبب التضخم الوظيفي وعدم استغلال الطاقات، وضعف تطور القطاع الخاص نتيجة انجذاب الكفاءات الوطنية نحو الوظائف الحكومية.
وتشير التقديرات إلى أن 63.8% من فوارق الدخل تعكس اختلالات سعرية بدلاً من فروقات رأس المال البشري، مما يكشف عن انحراف هيكلي في السوق يوجه التفضيلات المهنية نحو القطاع العام.

في المقابل، نجحت السعودية في خفض نسبة التوظيف في القطاع العام من 67% في 2016 إلى 42% في 2024 عبر برنامج  نطاقات، الذي يحدد حصص توطين (سعودة) للشركات عبر تصنيفها بناءً على نسبة توظيف المواطنين، ودعم الأجور وتحرير سوق العمل. بينما تحافظ الإمارات على نسبة توظيف لا تتجاوز 25% في القطاع العام عبر سياسات توطين طموحة مقترنة بتعزيز تنافسية القطاع الخاص. فيما تستهدف قطر زيادة توظيف القطريين في القطاع الخاص من 17% حالياً إلى 20% بحلول 2030.
وفي الكويت، بلغت معدلات البطالة بين الشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 24 عاماً نحو 15.44% في 2024، ما يضع صناع السياسات أمام ضرورة ملحة لإعادة التوازن لهيكلية التوظيف واستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل.


 

📈
نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي: تحدي التنويع الاقتصادي

سجل الاقتصاد غير النفطي في الكويت نمواً بنسبة 1.8% في 2024، وهو مستوى أدنى من متوسط ما قبل جائحة كوفيد-19 البالغ 3.3%. وفي ظل تراجع الإنفاق الرأسمالي ليشكل 9.1% فقط من الميزانية، انخفاضاً من 14.2% في السنة المالية 2019/20، تصبح الحاجة إلى توسيع دور القطاع الخاص ضرورة حتمية لا غنى عنها لتعويض ضعف الاستثمار الحكومي طويل الأجل.
بالمقارنة، حقق الاقتصاد غير النفطي في المملكة العربية السعودية نمواً قوياً بلغ 4.3% في 2024، مدفوعاً بقطاعات السياحة وتجارة الجملة والتجزئة والتكرير والخدمات المالية، مع توقعات بنمو إضافي قدره 3.4% في 2025.

أما الإمارات العربية المتحدة، فقد سجلت نمواً في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بلغ 5.0% في 2024، حيث أسهمت القطاعات غير النفطية بنسبة 75.5% من إجمالي الناتج المحلي، وهي أعلى نسبة تنويع اقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي. بينما سجلت قطر  نمواً في الأنشطة غير الهيدروكربونية بلغ 3.4% في 2024، لتشكل  نحو 64%  من إجمالي ناتجها المحلي.


 

ختاماُ، فإن نموذج الدولة الريعية المعتمد في الكويت، والذي تُموَّل فيه المزايا والخدمات العامة الشاملة للمواطنين عبر الإيرادات النفطية بمعزل عن النظام الضريبي، يُفضي إلى تبعية هيكلية للتوظيف الحكومي تتخطى في أبعادها مجرد التطلع للأجور المرتفعة.
فقد بات التوظيف في القطاع العام هو المسار المهني الطبيعي والافتراضي، ليس فقط بسبب تفوق الرواتب، بل لأن العقد الاجتماعي بمجمله قد أضحى يربط بين المواطنة وبين كفالة الدولة لتوفير الوظائف، وبدلات السكن، والخدمات التعليمية، والرعاية الصحية الشاملة. هذا الترابط يعكس طبيعة النموذج الريعي الذي يجعل الدولة المصدر الأساسي للمعيشة والضمان الاجتماعي، ويحدّ من قدرة القطاع الخاص على لعب دور أكبر في استيعاب القوى العاملة وتنويع الاقتصاد.
أقرأ أيضــــاً
علاقة شائكة بين الاكتتاب ذات التغطية العالية وحصة المستثمرين الأفراد
علاقة شائكة بين الاكتتاب ذات التغطية العالية وحصة المستثمرين الأفراد
بين عامي 2021 و2025، شهدت السوق المالية السعودية (تداول)، وسوق أبوظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي، أكثر من 150 إدراجاً مجتمعةً، مدفوعةً بشكل أساسي بحجم الإدراجات في السعودية.
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة