شعار أرقام ويك اند شعار أرقام ويك اند
English
شعار أرقام ويك اند
الرئيسية الإصدارات اشترك تواصل معنا موقع بوابة أرقام
الأسبوع #54 > السياحة تصنع الوظائف… فمَن يصنع التنوع؟





 

السياحة تصنع الوظائف… فمَن يصنع التنوع؟
 

تُسلط بيانات التوظيف الأخيرة في المملكة العربية السعودية الضوء على تحول اقتصادي متنامي، حيث يبرز قطاع السياحة كمحرك رئيسي لخلق فرص العمل، متفوقاً على قطاعات حيوية أخرى كالصناعة والتقنية على نحو لافت.

في 2024، وفّر قطاع السياحة ما مجموعه 966.5 ألف وظيفة ليقفز متخطياً 44 ألف وظيفة استحدثها قطاع الصناعة و9,348 وظيفة في قطاع تقنية المعلومات.
على مدار السنوات الخمس الماضية، ارتفع إجمالي الوظائف في قطاع السياحة إلى نحو2.7  مليون وظيفة، حيث تُعد الرياض ومكة المكرمة مركزين رئيسيين لهذا النمو. في غضون ذلك، استحدث قطاع الصناعة قرابة 420 ألف وظيفة جديدة بين 2020 ومطلع 2025.

بينما تُؤكد هذه الأرقام على النجاح الهائل لمبادرات تطوير السياحة، لا سيما في خلق فرص العمل، إلا أنه من الضروري في هذا التحليل الإقرار بالتحديات الكامنة في إدارة اختلالات التوظيف القطاعية بما يدعم نمواً اقتصادياً مستداماً.
لا تُقلل هذه الملاحظة من شأن أو إمكانات قطاع السياحة في خلق الوظائف؛ بل تؤكد على أهمية تبني استراتيجية توظيف متعددة القطاعات لتجنب معاناة الاقتصاد السعودى من أعراض شبيهة بـ المرض الهولندي (Dutch disease).
من منظور النمو المتسارع لقطاع ما، يُعرّف المرض الهولندي في علم الاقتصاد بأنه ظاهرة تؤدي فيها التوسعات المتسارعة في قطاع بعينه إلى تخصيص الموارد واختلال التوازن الاقتصادي بما يؤثر على قطاعات حيوية أخرى.

لذا، قد يصبح النمو الاقتصادي الكلي غير متناسب على المدى الطويل، حيث تتحول عوامل الإنتاج الرئيسية كالعمالة والاستثمارات ورأس المال نحو القطاع المزدهر. ونتيجة لذلك، يُصبح الهيكل الاقتصادي العام أقل تنوعاً.
إن الاعتماد المفرط على قطاع واحد، في هذه الحالة السياحة، قد يُسهم دون قصد في إعادة تخصيص الموارد بعيداً عن قطاعي الصناعة وتقنية المعلومات، وهما ركيزتان أساسيتان لتعزيز الإنتاجية والتقدم التقني والمرونة الاقتصادية على المدى البعيد.

 
🔍
نظرة عامة على قطاع السياحة

في 2024، ساهم قطاع السياحة السعودي بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 4.7%، حيث ضخ القطاع 447.2 مليار ريال سعودي (ما يعادل 131.9 مليار دولار تقريباً) في الاقتصاد المحلي. ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو، حيث تشير التوقعات إلى زيادة محتملة تصل إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.
تكشف بيانات السياحة لعام 2024 في المملكة العربية السعودية عن سوق سياحة داخلية قوية تفوق وفود السياح الدوليين بكثير، حيث تُمثل السياحة الداخلية نحو 74.4% من إجمالي النشاط السياحي بواقع 86.3 مليون سائح محلي مقارنة بحوالي 29.7مليون سائح دولي.

ومع ذلك، ارتفع عدد السياح الدوليين من 18 مليون سائح تقريباً في 2016 إلى نحو 30 مليون بحلول 2024. يمكن أن يُعزى هذا النمو إلى عدة عوامل، بما في ذلك إطار عمل قانوني ورقمي جديد يضم الاستراتيجية الوطنية للسياحة وإطلاق التأشيرة الإلكترونية وتحديث قانون السياحة. لكن الأهم من ذلك، أن التحولات المجتمعية باتت تلعب دوراً حاسماً خلال السنوات الأخيرة في تعزيز جاذبية المملكة العربية السعودية في عيون السياح الدوليين.

 

منذ إطلاق رؤية 2030، دأبت المملكة العربية السعودية على إعادة تعريف مفهوم السياحة، وذلك عبر ابتكار عروض سياحية متنوعة. لم يعد القطاع السياحي في المملكة مقتصراً على السياحة الدينية المرتبطة بالمواسم السنوية للحج والعمرة.
اليوم، تستهدف إعادة تعريف السياحة فئات سياحية متنوعة من الزوار لتلبية مختلف الاهتمامات والشرائح السكانية. على سبيل المثال، تُقدم المملكة منتجعات فاخرة تهدف إلى جذب السياح الأثرياء المحليين والدوليين، بينما تعمل في الوقت ذاته على تطوير وجهات عائلية تركز على السلامة والقيم الثقافية والخدمات الأساسية لجذب السياح المحليين والإقليميين.

 

علاوة على ذلك، تُروج المملكة العربية السعودية لزيارة المواقع التاريخية والتراثية لجذب السياح الأجانب المهتمين بالتاريخ بشكل خاص. ووفقاً لتقرير رؤية 2030 المنشور مؤخراً، فقد حققت المملكة الهدف الأصلي المتمثل في مضاعفة عدد المواقع السعودية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي بالفعل. ففي عام 2023، أصبح المشهد الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية ثامن موقع مُدرج في المملكة، محققاً بذلك هدف 2030 قبل الموعد المحدد.

📈
نحو نمو وظيفي عالي الجودة

من المهم الإقرار ببعض الخصائص الهيكلية المرتبطة عادةً بالتوظيف في قطاع السياحة على مستوى العالم، بما في ذلك ميل نسبة كبيرة من الوظائف إلى أن تكون منخفضة الأجر.
يعود ذلك غالباً إلى طبيعة العمل المكثف للعديد من الأنشطة السياحية، والتي، على الرغم من أهميتها، قد لا تُقدم دائماً فرصاً سريعة لتطوير المهارات أو رفع الأجور على المدى الطويل للمواطنين السعوديين.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعني تباطؤ نمو الإنتاجية في السياحة مقارنة بقطاعات مثل الصناعة أو تقنية المعلومات أن قطاع السياحة وحده قد تكون له قيود، بمرور الوقت، كأساس لنمو وظيفي مستدام وعالي الجودة للمواطنين السعوديين.
ويعني تباطؤ نمو الإنتاجية في قطاع السياحة أن معدل زيادة الناتج (السلع أو الخدمات) لكل وحدة من المدخلات (مثل العمل أو رأس المال) بمرور الوقت يكون أقل في قطاع السياحة مقارنةً بقطاعات مثل التصنيع أو تكنولوجيا المعلومات.
بعبارة أخرى، لا تُحسّن السياحة الكفاءة أو تُولّد عائد أكبر لكل عامل بنفس سرعة قطاعات أخرى.


 
 

تتطلب الصناعات التحويلية وتقنية المعلومات استثمارات كبيرة بشكل عام ليس فقط في الآلات والتقنية والبنية التحتية، ولكن أيضاً في تطوير قوة عاملة ماهرة ومتعلمة تعليماً جيداً.
وبينما قد تخلق هذه القطاعات عدداً أقل من الوظائف مقارنة بالقطاعات الأعلى كثافة في العمالة مثل السياحة، إلا أن الفرص التي توفرها غالباً ما تتطلب مستويات أعلى من التعليم والخبرة الفنية، مما يدعم النمو الاقتصادي طويل الأجل وتنمية القوى العاملة.

ينطوي الأمر أيضاً على خطر يتهدد تنوع المؤهلات التعليمية، فالتركيز المفرط على السياحة قد يُقلل دون قصد من الحوافز للسعي نحو التعليم العالي والمهارات المتقدمة بين القوى العاملة السعودية. مع الوقت، قد يؤدي هذا إلى جيل من العمال الذين قد يجدون خياراتهم المهنية أكثر محدودية مع تقدمهم في العمر، ما قد يؤدي إلى إرهاق وظيفي وتمنيهم لو استثمروا أكثر في التنمية التعليمية.
أخيراً، يمكن لتشجيع النمو السياحي المستدام مع رعاية القطاعات غير السياحية في الوقت نفسه أن يمنع أي تضخم محتمل في أي قطاع ويقلل من التعرض لأثر الصدمات الجيوسياسية، خاصة في قطاع السياحة، فضلاً عن تعزيز قدرة الاقتصاد على تحقيق نمو شامل.

 
في العدد القادم، سنناقش لماذا يُعد من الضروري للمملكة العربية السعودية أن تطور جيلا شابا من علماء البيانات وباحثي الذكاء الاصطناعي على وجه التحديد.​​​​​​​
أقرأ أيضــــاً
الحقيقة المؤلمة لتدفق رأس المال المخاطر في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة
الحقيقة المؤلمة لتدفق رأس المال المخاطر في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة
شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفاعًا هائلاً في حجم تدفقات رأس المال المخاطر، لا سيما في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مما حفز اندفاع موجة استثمارية سريعة تستهدف الشركات الناشئة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والابتكارات التكنولوجية الواعدة والأفكار الداعمة للتنوع الاقتصادي.
كيف تعزز الملكية الفكرية مكانة السعودية كقوة اقتصادية صاعدة؟
كيف تعزز الملكية الفكرية مكانة السعودية كقوة اقتصادية صاعدة؟
في مطلع عام 2024، سطع نجم طالب سعودي واعد من الكلية التقنية بالرياض، بعدما حقق إنجازاً عالمياً بتصدره منافسات هندسة الطيران في إطار فعاليات المعرض الدولي المرموق للاختراع والابتكار والتقنية (ITEX).
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
حمل تطبيقاتنا
تحميل تطبيق أرقام
تحميل تطبيق أرقام أندرويد
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة